الخبز.. والأطفال والضيف الثقيل..
|
وظلام أيام يموت ضياؤها بين النخيل..
|
وجوانب الطرقات ينزف جرحها
|
وتسيل فوق ضلوعها سحب الدماء
|
والجائعون على الطريق يصارعون الموت في زمن الشقاء
|
فالحب مات على الطريق
|
كما يموت.. الأشقياء
|
وعلى رغيف الخبز مات الحب.. وانتحر الوفاء
|
فالناس تبحث عن بقايا حجرة
|
عن ضوء صبح.. عن دواء
|
عن بسمة تاهت مع الأحزان و الشكوى
|
كأحلام المساء
|
آه من الدمع الذي ما عاد يمنعه.. نداء الكبرياء
|
ما زلت أبكي في مدينتنا وذبت من البكاء
|
لكنني ما زلت أنتظر الضياء
|
* * *
|
الناس صاروا في مدينتنا يبيعون الهوى..
|
مثل الجرائد.. و البخور
|
فالحب في أيامنا
|
أن يقتل الإنسان في الأرض الزهور
|
كم من زهور قد قتلناها
|
لتمنحنا بقايا.. من عطور
|
الحب أصبح لحظة
|
نغتال فيها روعة الإحساس فينا و الشعور..
|
* * *
|
الحب صار مقيدا بين السلاسل والحفر
|
قد صار مثل الناس يدميها
|
رغيف العيش.. أو هم العمر
|
وغدت قلوب الناس شيئا.. كالحجر..
|
الليل فيها راسخ الأقدام فانتحر القمر.. |
يا ليل لا تعتب علي إذا رحلت مع النهار
|
فالنورس الحيران عاد لأرضه.. ما عاد يهفو للبحار
|
وأنامل الأيام يحنو نبضها
|
حتى دموع الأمس من فرحي.. تغار
|
وفمي تعانقه ابتسامات هجرن العمر حتى إنني
|
ما كنت أحسبها.. تحن إلى المزار
|
فالضوء لاح على ظلال العمر فانبثق النهار
|
* * *
|
يا ليل لا تعتب علي
|
فلقد نزفت رحيق عمري في يديك
|
وشعرت بالألم العميق يهزني في راحتيك
|
وشعرت أني طالما ألقيت أحزاني عليك
|
الآن أرحل عنك في أمل.. جديد
|
كم عاشت الآمال ترقص في خيالي.. من بعيد
|
و قضيت عمري كالصغير
|
يشتاق عيدا.. أي عيد
|
حتى رأيت القلب ينبض من جديد
|
لو كنت تعلم أنها مثل النهار
|
يوما ستلقاها معي..
|
سترى بأني لم أخنك و إنما
|
قلبي يحن.. إلى النهار
|
* * *
|
يا ليل لا تعتب علي..
|
قد كنت تعرف كم تعذبني خيالاتي
|
وتضحك.. في غباء
|
كم قلت لي إن الخيال جريمة الشعراء
|
و ظننت يوما أننا سنظل دوما.. أصدقاء
|
أنا زهرة عبث التراب بعطرها
|
ورحيق عمري تاه مثلك في الفضاء
|
يا ليل لا تعتب علي
|
أتراك تعرف لوعة الأشواق؟
|
و تنهد الليل الحزين و قال في ألم:
|
أنا يا صديقي أول العشاق
|
فلقد منحت الشمس عمري كله
|
وغرست حب الشمس في أعماقي
|
الشمس خانتني وراحت للقمر
|
و رأيتها يوما تحدق في الغروب إليه تحلم بالسهر
|
قالت: عشقت البدر لا تعتب
|
على من خان يوما أو هجر
|
فالحب معجزة القدر
|
لا ندري كيف يجئ.. أو يمضي كحلم.. منتظر
|
فتركتها و جعلت عمري واحة
|
يرتاح فيها الحائرون من البشر
|
العمر يوم ثم نرحل بعده
|
ونظل يرهقنا المسير
|
دعني أعيش ولو ليوم واحد
|
وأحب كالطفل.. الصغير
|
دعني أحس بأن عمري
|
مثل كل الناس يمضي.. كالغدير
|
دعني أحدق في عيون الفجر
|
يحملني.. إلى صبح منير
|
فلقد سئمت الحزن و الألم المرير
|
* * *
|
الآن لا تغضب إذا جاء الرحيل
|
و أترك رفاقك يعشقون الضوء في ظل النخيل
|
دع أغنيات الحب تملأ كل بيت
|
في ربى الأمل الظليل
|
لو كان قلبك مثل قلبي في الهوى
|
ما كان بعد الشمس عنك و زهدها
|
يغتال حبك.. للأصيل
|
* * *
|
يا ليل إن عاد الصحاب ليسألوا عني.. هنا
|
قل للصحاب بأنني
|
أصبحت أدرك.. من أنا
|
أنا لحظة سأعيشها
|
و أحس فيها من أنا؟! |
أماه.. ليتك تسمعين
|
لا شيء يا أمي هنا يدري حكايا.. الحائرين
|
كم عشت بعدك شاحب الأعماق مرتجف الجبين
|
والحب في الطرقات مهزوم على زمن حزين
|
* * *
|
بيني وبينك جد في عمري جديد
|
أحببت يا أمي.. شعرت بأن قلبي كالوليد
|
واليوم من عمري يساوي الآن ما قد كان
|
من زمني البعيد
|
وجهي تغير
|
لم يعد يخشى تجاعيد السنين
|
والقلب بالأمل الجديد فراشة
|
صارت تطوف مع الأماني تارة
|
وتذوب.. في دنيا الحنين
|
والحب يا أمي هنا
|
شيء غريب في دروب الحائرين
|
وأنا أخاف الحاسدين
|
قد عشت بعدك كالطيور بلا رفيق
|
وشدوت أحزان الحياة قصيدة..
|
وجعلت من شعري الصديق
|
قلبي تعلم في مدينتنا السكون
|
والناس حولي نائمون
|
لا شيء نعرف مالذي قد كان يوما أو يكون!!
|
لم يبق في الأرض الحزينة غير أشباح الجنون
|
* * *
|
أماه يوما.. قد مضيت
|
وكان قلبي كالزهور
|
وغدوت بعدك اجمع الأحلام من بين الصخور
|
في كل حلم كنت أفقد بعض أيامي وأغتال الشعور
|
حتى غدا قلبي مع الأيام شيئا.. من صخور!!
|
يوما جلست إليك ألتمس الأمان
|
قد كان صدرك كل ما عانقت في دنيا الحنان
|
وحكيت أحوال ويأس العمر في زمن الهوان
|
وضحكت يوما عندما
|
همست عيونك.. بالكلام
|
قد قلت أني سوف أشدو للهوى أحلى كلام
|
وبأنني سأدور في الأفاق أبحث عن حبيب
|
وأظل أرحل في سماء العشق كالطير الغريب
|
عشرون عاما
|
منذ أن صافحت قلبك ذات يوم في الصباح
|
ومضيت عنك وبين أعماق تعانقت الجراح
|
جربت يا أمي زمان الحب عاشرت الحنين
|
وسلكت درب الحزن من عمري سنين
|
لكن شيئا ظل في قلبي يثور.. ويستكين
|
حتى رأيت القلب يرقص في رياض العاشقين
|
وعرفت يا أمي رفيق الدرب بين السائرين
|
عينان يا أمي يذوب القلب في شطآنها
|
أمل ترنم في حياتي مثلما يأتي الربيع
|
ذابت جراح العمر وانتحر الصقيع..
|
* * *
|
أحببت يا أمي وصار العمر عندي كالنهار
|
كم عشت أبحث بعد فرقتنا على هذا النهار
|
في الحزن بين الناس في الأعماق
|
خلف الليل في صمت البحار
|
ووجدتها كالنور تسبح في ظلام فانتفض النهار
|
* * *
|
ما زلت يا أمي أخاف الحزن
|
أن يستل سيفا في الظلام
|
وأرى دماء العمر
|
تبكي حظها وسط الزحام
|
فلتذكريني كلما
|
همست عيونك بالدعاء
|
ألا يعود العمر مني للوراء
|
ألا أرى قلبي مع الأشياء شيئا.. من شقاء
|
وأضيع في الزمن الحزين
|
وأعود أبحث عن رفيق العمر بين العاشقين
|
وأقول.. كان الحب يوما
|
كانت الأشواق
|
كان.....
|
كان لنا حنين!!! |